منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، سيطر نادٍ واحد فقط على الكرة الإيطالية و حقق أرقامًا قياسيًا بعضها لا زال صامدًا حتى يومنا هذا... تورينو، أو "إل جراندي تورينو - تورينو العظيم"، الذي ابتدع خطة 4-4-2 التي اتبعها المنتخب البرازيلي في كأس العالم 1958 و كانت أيضًا مهد الكرة الشاملة للمنتخب الهولندي في فترة السبعينات.
تورينو، بين عامي 1942 و 1949، فاز بخمس بطولات للدوري الإيطالي (السيريا آ) بشكل متتالي (1942-43، 1945-46، 1946-47، 1947-48، 1948-49) "لم تلعب بطولة السيريا آ في موسمي 1943-44 و 1944-45 بسبب اشتداد الحرب العالمية الثانية، و يعتبر الفوز بخمس بطولات اسكوديتو متتالية رقم قياسي لتورينو و اليوفنتوس في الدوري الإيطالي".
كما لم يتعرض تورينو لأي هزيمة على أرضه على الإطلاق في الفترة بين يومي 24 يناير 1943 حتى 30 أبريل 1949، و تحديدًا في 93 مباراة (حيث تعادل في 10 و فاز في 83 مباراة)، و هو رقم قياسي آخر من حيث عدد المباريات دون هزيمة و أيضًا على صعيد المواسم المتتالية دون هزيمة، حيث اِعْتُبِرَ تورينو بذلك غير مهزومًا طيلة 4 مواسم متتالية (بين موسمي 1945-46 و 1948-49).
في تلك الفترة أيضًا حقق تورينو أكبر فوزين في تاريخه داخل و خارج أرضه، حيث سحق نادي أليساندريا بنتيجة 10-0 على أرضه في موسم 1947-48، فيما أمطر شباك روما بسبعة أهداف نظيفة خارج أرضه في موسم 1945-46، إضافة إلى العديد من الأرقام القياسية الأخرى التي جعلت من المنطقي تواجد 10 لاعبين من الجراناتا بشكل دائم مع المنتخب إلايطالي، و لا يمكن للجميع نسيان المباراة الودية للمنتخب الإيطالي ضد نظيره المجري في عام 1947، حينما شارك اللاعبون العشرة جميعهم في التشكيل الأساسي !
تاريخ رائع و أرقام مذهلة، لكن كان مقدرًا لها أن تنتهي في يوم 4 مايو 1949، اليوم الذي كان من المفترض أن يعود فيه الفريق و إداريو النادي رفقة بعض الصحفيين على متن طائرة فيات G212CP الثلاثية المحرك إلى مدينة تورينو، و ذلك بعد خوض الجراناتا مباراة ودية ضد بنفيكا في العاصمة الرتغالية لشبونة في اليوم السابق تكريمًا للنجم البرتغالي فرانشيسكو فيريرا الذي كان سينتقل من النادي البرتغالي إلى النادي الإيطالي بعد ذلك.
فمن سوء الحظ أن الأجواء الجوية كانت شديدة السوء و كانت الطائرة تطير خلال عاصفة رعدية تكاثرت فيها السحب، و هو ما تفاجأ به طاقم الطائرة بقيادة الطيار بييرلويجي ميروني، حيث لم يتمكن برج المراقبة في مطار تورينو إير إيطاليا القديم من الاتصال به بسبب فشل التواصل اللاسلكي و الإرسال بالراديو في ظل الأجواء السيئة، مما أجبره على اتخاذ قرار فردي بمواصلة طريقه و عدم التحول إلى مطار آخر، و الانخفاض بالطائرة لكي يتمكن من الرؤية، إلا أنه وجد أمامه تلة كنيسة سوبيرجا، لتصطدم الطائرة بالتلة و تتحطم تمامًا مما تسبب بموت جميع من كانوا عليها بلا استثناء، بمن فيهم 18 لاعبًا لتورينو، 5 من الطاقم التدريبي للفريق، طاقم الطائرة المكون من الطيار و مساعديه الثلاثة، و ثلاثة صحفيين.
لم يتمكن أي لاعب من فريق تورينو العظيم من النجاة سوى لاعب واحد لم يسافر من البداية مع الفريق، و هو ساورو توما الذي غاب عن رحلة البرتغال بسبب إصابة في الركبة، إضافة إلى الأسطورة المجرية لاديسلاف كوبالا الذي كان من المفترض أن يتواجد مع فريق تورينو كضيف شرفي من أجل المشاركة في المباراة. و بالرغم من أن تورينو فاز بلقب الاسكوديتو في عام 1976، إلا أنه لم يتمكن طوال تاريخه بعد الحادث المؤسف من النهوض مجددًا، لتندثر أسطورة نادٍ كان من الممكن أن يصبح أعظم نادٍ في تاريخ كرة القدم.