تمكن بانفيلد أخيرا من التخلص من أشباحه وأطلق صيحة البطل في دوري الدرجة الأولى الأرجنتيني بعد نحو 114 عاما على تأسيسه.
لكن حتى وهو يتوج ، لم يشأ الفريق أن يدع موروثه التاريخي فلم يصعد منصة البطل إلا بعد معاناة وشكوك ، لأنه سقط في أسعد أيام تاريخه على أرض بوكا جونيورز صفر /2 ولم ينل اللقب إلا بخسارة ملاحقه.
ففي مدينة روساريو ، سقط منافسه الوحيد نيويلز أولد بويز على أرضه بنفس النتيجة أمام سان لورنزو ، ليتمكن بانفيلد من انتزاع شوكة كانت في ظهره منذ عام 1951 عندما خسر اللقب أمام ريسينج بعد مواجهة فاصلة أعقبت تساو في النقاط.
لذا ، رغم التوتر والكرة السيئة التي قدمها في جولته الأخيرة ، تمكن فريق الضاحية الواقعة على مسافة 14 كيلومترا جنوب العاصمة بوينس آيرس من التتويج بلقب مرحلة الذهاب (أبرتورا) بعد موسم شبه فائق.
فدون أسماء بارزة ، وفي وجود المدير الفني خوليو سيزار فالتشوني وهداف البطولة ونجم أوروجواي سانتياجو سيلفا ، حصد بانفيلد 41 نقطة ، متفوقا بفارق نقطتين عن نيويلز ، ولم يخسر سوى مباراتين وكان خط دفاعه هو الأقوى في البطولة.
ورغم أن هذا النادي يعد صغيرا في بلاده وغير معروف تقريبا خارجها ، إلا أن جذوره موغلة في القدم.
ففي 21 كانون ثان/يناير عام 1896 ، قرر الإنجليز المقيمون في بانفيلد تأسيس ناد يحمل هذا الاسم ، الذي أطلق أول ما أطلق على محطة للقطارات تكريما لإدوارد بانفيلد أول مدير لشركة "جران فيروكاريل سور" للسكك الحديدية.
وكسب الفريق سريعا لقب "مثقاب الورق" لشهرته في صنع "الثقوب" في مرمى المنافسين.
وفي عام 1951 اقترب بانفيلد كثيرا ، إلا أن اللقب هرب منه بعد مواجهة فاصلة من مباراتين أمام ريسينج. وعاد الفريق واحتل مقعد الوصافة في مرحلة الإياب (كلاوسورا) عام 2005 ، خلال الولاية الأولى لفالتشوني.
وبالنسبة لأحد أعرق الأندية في البلاد ، يمثل لقب أمس استعادة لشرف الفريق ، بعد أن هبط من الدرجة الأولى ثم صعد من جديد أكثر من مرة ، وبعد أن كان البطل في العديد من المواقف التي لا تنسى في تاريخ الكرة في بلاد التانجو ، مثلما حدث عام 1941 عندما عوقب بخصم 16 نقطة من رصيده بيد أنه تمكن من تجنب الهبوط بعد موسم ملحمي.
كما أن التاريخ يشهد بأن بانفيلد هو صاحب الفوز الأكبر في تاريخ دوري الدرجة الاولى الأرجنتيني عندما هزم بويرتو كوميرسيال 13/1 عام 1974 ، في يوم أحرز فيه المهاجم خوان تافيرنا أكبر عدد من الأهداف للاعب في مباراة واحدة ، بعدما هز الشباك سبع مرات.
وتتجسد معاناة الفريق في رحلة التتويج في أنه ظل حتى الجولة الخامسة عشرة دون هزيمة ، قبل أن يخسر في مباراتين من الأربع الأخيرة ويفوز في أخريين بفارق هدف وحيد وبشق الأنفس. لكن في ظل ترنح الأبطال التاريخيين ، تمكن فالتشيوني من كسر التوقعات والبقاء على القمة رغم ضغوط الملاحقين الذين يتمتعون بخبرة أكبر ولاسيما في التعامل مع المراحل الأخيرة من البطولة.
ويعد بانفيلد أحد الفرق المتواضعة وهو ما يزيد من قيمة اللقب ، خاصة وأن قائمة الفريق لا تحوي لاعبين تجوب شهرتهم الآفاق اللهم إلا سيلفا.
وفي النهاية تمتع الفريق بتوفيق الأبطال ، حيث تعثر أمس إلا أن نيويلز ملاحقه رفض الهدية. وأمس على ملعب "لابومبونيرا" معقل بوكا جونيورز ، حيث توج فريق لانوس منافسه اللدود وجاره في المنطقة الجنوبية من العاصمة قبل عامين للمرة الأولى في تاريخه ، رأى بانفيلد إنجازه يتحقق.
وأطلق الفريق صيحة البطل ، معوضا تاريخا من الانتصارات الواهية والإحباطات المستمرة التي عادة ما توصم بها الأندية المتواضعة ، لكنه أثبت مثل كثير من تلك الأندية تمتعه بالروح والطموح الكبير.